من هنا فان العقل هو الوسيله والاداة التي تساعد المرء في ان يكون اكثر ابداعا وتميزا واكثر نجاحا وخبره
ان الانسان عرف الله بعقله من خلال رؤيته للكون والتفكر باياته وبحثه عن حقيقة الوجود عرف من ان وراء هذا الخلق خالق عظيم هو الله
ومع الاهميه البالغه لتلك الجوهره الفريده التي ميز الله بها الانسان فان الله انعم على الانسان بنعمة القلب الذي هو مصدر المشاعر والاحاسيس وهو الاداة والوسيله التي نحس بها ونستشعر بانسانيتنا ولو لا القلب ما شعرنا بمتعة وطيب الحياة ولا استشعرنا بكل ماهو جميل في هذا العالم وجمال وروعة الزهور المتناثره بالوانها وعطورها الزكيه وعليها قطرات الطل كأنها حبات الماس ولاجمال الفراشات بالوانها الزاهيه وهي تتنقل من زهره الى اخرى وما استشعر الوليد الجديد الذي لم يكتمل عقله بعد بحنان الامومه وارتباطه بامه ارتباط لامثيل له وكذلك ارتباط الام بوليدها بحيث اصبح قطعه منها لاانفصام بينهما
و بتلك المضغة الحمراء التي تنبض بالحياة يستشعر الشعراء والكتاب فينضموا احلى القصائد ويسطروا اروع الروايات والقصص وبه يستشعر الفنان فيبدع بانامله احلى الصور التي تحركت بوحي استشعار قلبه ونظمت احلى سمفونيات الحياة وبالقلب نحب ونكره ونحزن ونخاف ونتفاعل وبالقلب نرى الكمال والجمال وبه نشعر بالارواح الجميله التي حولنا وبه نرى جمال الكون وبديع اياته وجلال قدرة الخالق فالقلب مصدر الايمان واليقين والكفر والالحاد
ان القلب يدرك ويعقل مثل ما العقل يعقل ويدرك وبه مركزا عصبيا للاحاسيس والمشاعر يتأثر ويأثر بما حوله من البشر والشجر وكل ماهو مخلوق في بيئته ويتقلب بين هذا وذاك متاثرا سلبا او ايجابا بما حوله لذلك سميه بالقلب لانه متقلب ومتأثر بما حوله
بالقلب نرى ونبصر فهو عين البصيره للانسان وهذا ماأكده الله في قراننا الكريم انها لاتعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي بالصدور
فماذا يحدث للانسان عندما يرفض العقل مايريده القلب ماذا يحدث للانسان عندما يكون في حيره بين عقله وقلبه وماهي المعانات والاضطرابات والاختلالات التي تسيطر عليه من هنا يبدء التساؤل الكبير والمهم هل اذا ما بدء هذا الرفض والاختلاف يصبح القلب والعقل متضادان وفي معركه وصراع مستمر وهل هذه المعركه لها بدايه ولانهايه لها وهل يمكن ان ينتهي الصراع في يوم ما اسئله عديده وكثير تطرح نفسها ولكن قبل الاجابه عن تلك التساؤلات لابد من الاجابه على اسئله اخرى قبل ذلك فهل القلب هو ذلك الكائن الحي الذي يتصرف تصرف الاهوج الذي لاضابط له وهل القلب يسير خلف انفعالات ومشاعر هوجاء لاضوابط لها وهل القلب هو الفاعل الحاسم في مشاعرنا وحبنا وكرهنا وخوفنا واطمئنانا وهل القلب هو سيد الشعور بلذة الحب وطيب الحياة وهل القلب هو مركز ضعف الانسان لانه يتصف بالعاطفه وهل بالقلب فقط يعرف العشاق معنى الحب وهل عندما يعشق الانسان يصبح قلبه هو الذي يسير حياته وهل حب الوالدين والابناء والاخوان من القلب ام من العقل وبالمقابل فهل العقل هو ذلك الكائن الحي الذي يمتاز بالتهذيب والاتزان وهل العقل هو من يسيطر على تصرفاتنا ويحد من مشاعرنا وهل العقل هو مصدر السيطره على كل ماهو غير معقول وهل العقل هو السبيل لاستمتاعنا في حياتنا وهل العقل هو الصرامه والقوه والجبروت وهل يمكن للانسان ان يعيش بقلبه او عقله فقط او كليهما معا تساؤلات كثيره وكثيره جدا لامجال لحصرها وبعد كل هذه التساؤلات فلمن يجب ان تكون الغلبه للعقل ام القلب واذا ما فرضنا تكون الغلبه للعقل فهل يتحول الانسان عند ذاك مجرد اله ينفذ مايريده العقل مجردا من اي احاسيس ومشاعر وهل الانسان بالعقل فقط يتحول الى كتله جامده كصخره صماء بلهاء لاتعرف من الحب والكره والخوف والوجل شيء وهل بالعقل فقط يكون ارتباطنا باهلنا واخوننا وابنائنا وهل بالعقل تنتهي مشاعرنا الانسانيه وتصبح علاقتنا ماديه جامده لاروح فيها واذا ما كانت الغلبه للقلب فكيف تكون الامور هل تكون متقلبه نحب اليوم ونكره غدا هل بالقلب ممكن ان نسبر السماء ونتعرف على الافلاك وهل بالقلب ممكن ان يعيش المجتمع في ود ووئام لانرى فيه غير المشاعر التي لاعقول تحكم تصرفاتها وهل القلوب اذا ما اجتمعت بدون عقول ممكن ان تبني مجتمع سليم متقدم
اذن ماهو المطلوب منا فهل المطلوب ان ننظر الى العقل كرجل حكيم ومرشد اكبر يسيطر على مشاعرنا ويسهر عليها ويرعاها ويحميها من عواطف القلب الجياشه هل المطلوب ان نستمع فقط لصوت العقل وتحذيراته المستمره والمتمثله باياك وقلبك ستدمرك مشاعرك ستخونك وتخدعك فالقلب قائد ارعن اهوج سيهوي بك الى الحضيض وهل المطلوب ان ننظر بعين واحده فقط هي عين العقل ونترك العيون الاخرى والعقول التي في الصدور هل المطلوب ان ننظر بعين المتزمت المتحجر الذي لايرى الا رأيه وفكره وهل المطلوب ان نحصر وظيفة القلب والعاطفه على انه حب بين طرفين فقط وهل المطلوب ان يكون للعاطفه شأن قليل بحيث يكون العقل هو السيد والقلب تابع والعقل هو العام والقلب استثناء واذا ما سلمنا بهذا المنطق فهل سنخسر الكثير سنخسر مشاعرنا احاسيسنا عواطفنا ونصبح صخره صماء لاروح فيها وامام كبت العقول هذه وصرمتها هل يستطيع القلب ان يثور ثوره عارمه تطيح باسوار العقول وحصونه وتهدم دفاعاته متحرره في فضاء العواطف منطلقه من اسوارها الحديديه التي كبلتها بها العقول وعنذاك ستفرح القلوب ايما فرح منطلقه في عالم الافراح والمسره
انها تساؤلات كثيره ومطالب اكثر فما هو السبيل هل السبيل والحل بالانسجام والتوازن بين العقل والقلب ام بالصراع والحرب وهنا يأتي السؤال الاكثر اهميه وبل والاكثر خطوره من هو الخاسر الحقيقي في هذا الصراع وتلك الحرب هل هو عقل الانسان ام قلبه ام الانسان نفسه ذلك لانه عندما يريد القلب مايرفضه العقل تبدء حرب ضروس لانهايه لها بين عقولنا وقلوبنا حرب الخاسر فيها الجميع لاينتصر بها احد تتاذى فيها قلوبنا وتتعطل فيها عقولنا ونبدو كجثه هامده مليئه بالجراح كل شيء فيها ينزف اذن ماهو الحل وما السبيل وكيف يتصالح القلب مع العقل لانه من غير الصحيح ان تقودنا عقولنا بمعزل عن قلوبنا فنبدوا احجارا صماء لاروح فيها كما لايصح ان تقودنا قلوبنا فنغدوا كتله من العواطف تقذفنا مشاعرنا بعيدا في اوديه وصحاري لاتستقيم فيها الحياة اننا بالعقل وحده نستطيع السيطره على كل شيء ولكن لن نرضى بشيء وبالقلب وحده يستطيع اي شيء السيطره علينا ولكن لن نسعد بشيء اذن فما هو السبيل يقال ضع قليلا من العقل على قلبك حتى يستقيم وضع قليلا من العاطفه على عقلك حتى يلين
اننا لو تاملنا في الكون الفسيح وفي تلك الحياة وتلك البيئه التي نعيش فيها نرى كل شيء فيها محكوم بالتوازن والانسجام وان الله عز وجل خلق كل شيء في الكون بتوازن دقيق فنرى الهواء متوازن في مكوناته وكذلك الماء والشجر والحجر والافلاك والنجوم في السماء فمن غير الطبيعي ان نأتي نحن ونخل بالتوازن لان الاخلال بالتوازن يؤدي الى كوارث وهناك امثله عديده على الاخلال بالتوازن الطبيعي وماهي النتائج الكارثيه التي نجمت عنها اذن الحل هو بالتوازن بين العقل والقلب فمن الغباء ان نرجح كفة احدهما على الاخر لان الله عز وجل ما خلق القلب والعقل الا لحكمه بليغه ومن اجل مصلحة هذا الكائن الذي يعيش في هذا الكون كي يميزه عن باقي المخلوقات فمن غير الطبيعي ان نغلب احدهما على الاخر فاذا اردنا ان نسعد بحياتنا لابد ان يكون كل شيء في شخصيتنا متوازن ومن اجل ان نحقق الطمأنينه والانسجام لابد ان يكون العقل والقلب في مسار واحد وهنا يتحقق بين اعمال القلب والعقل تداخلا كبيرا وان كانت هناك فروق بين عمليهما فكل واحد منهما يكمل الاخر فالعقل يختار ويدرك ثم يقدم الدليل ليستفتي القلب فيقوم القلب بالنظر الى الامر من زاويته الخاصه وعمله الخاص به ثم بعد ذلك يصدر الحكم بالتعاون ما بينهما فلا تطغى العاطفه على العقل ولا العقل على العاطفه وبذلك نكون قد ارتقينا بعقولنا وقلوبنا فلا تنزل بنا العاطفه الى عالم الحيوانات ولاينتقل بنا العقل الى عالم اللااحساس فهذه هي الاجابه عن كل تلك التساؤلات كي يسعد الانسان ويعيش احلى حياة